الثلاثاء، 23 أبريل 2013

الصراع الحاد بين رأس وجسد التوحدي

 
 
 
 
ديتمار تسوللر، مصاب باضطرابات التوحد، اضطراب الادراك وما يعقبه من فعل ليس له القدرة على توجيهه.
كتب التوحدي ديتمار تسوللر قصة «حديقة أمي»، أوجز فيها الصراع الحاد بين رأس وجسد التوحدي. انشغلت أمي بتعليق الغسيل في حديقة منزلنا. فجأة اصطفق الباب مخلفا أمي في الحديقة. دون جدوى حاولت الدخول. كنت مضطجعا على فراشي في الطابق الثاني، مسترخيا في داخلي وأحلم بي. بدأ صوت نداء يتضح شيئا فشيئا، يصرخ باسمي: «ديتمار، انزل وافتح الباب، نسيت المفتاح في الداخل». تردد الصوت عدة مرات. بدأ يضعف يخفت ويتلاشى، ثم يتكرر بأشكال مختلفة. سمعت همس أمي وتوسلها اليائس. رد فعل عاطفي في داخلي «أمي المسكينة» اعتقدت هكذا، لم أقم بفعل أي شيء. مرت فترة قبل أن أستطيع النهوض لهبوط السلم. في باحة الدار نسيت كل شيء. نسيت ماذا كان علي فعله. قادتني قدماي إلى غرفة السكن، إلى مكاني المحبب، جلست. فجأة اشتد طرق عنيف على زجاج النافذة، أيقظني من حلم أبعدني عن منزلنا. تطلعت إلى النافذة، رأيت وجه أمي المحتقن حزنا. لاحظت حركة شفتيها، وصر في أذني صوت غريب، ميزت اسمي «ديتمار أرجوك مرة أخرى، افتح الباب!»، تضرّعت إلي بهدوء حزين «إني اعرف تماما انك قادر على فتح الباب»، لم افعل شيئا. كنت مشغولا في ترتيب ملامح وجهها، وفرز مقاطع صوتها. إعادة تركيب صورة أمي تطلب مني وقتا طويلا. أكملت استيعاب الحدث، وعدت إلى واجبي الأول. انطلقت نحو الباب وفتحته. كانت أمي غاضبة جدا. لم أفهم سبب غضبها. حدقت طويلا في داخلي لفهم هذا الغضب. ماذا حدث؟ وماذا جرى لأمي؟ أجهدني كثيرا فهم عواطفها. تتصاعد أنفاسي بسرعة. لم أرد إيلامها وتركها خارج الباب. فهم المشاعر والعواطف، وإيضاحها لنفسي يشل حركة فعلي وتصرفي. انطوي وأنكص إلى داخلي حين ابدأ بالتركيز على شيء ما.
أود أن أكمل بعض التفاصيل. عندما كنت مسترخيا على الكنبة، قبل أن أرى وجه أمي الحزين عبر النافذة، وأسمع الطرق على زجاجها، كنت مستعدا للقيام بفعل فتح الباب. كان هدفي من النزول إلى باحة الدار هو أن افتح الباب. احتاج إلى وقت طويل للابتداء. كنت استطيع إنجاز واجبي الذي هممت به، لكن الطرق على النافذة شغلني، وأصبح من المستحيل تنفيذ مرامي.
جريدة الشرق الأوسط

هناك تعليق واحد: